مأمون جرار
كتبهاد.مأمون فريز جرار ، في 5 حزيران 2007 الساعة: 17:29 م
مأمون فريز جرار ينادي : أيها الشعب
دراسة بقلم : حسني أدهم جرار
الدكتور مأمون جرار أديب التزم الإسلام عقيدة ومنهجاً وسلوكاً في الحياة..له تجربة أصيلة في مجال الشعر والقصة..وهو أحد الوجوه الأديبة والنقدية والفكرية في الساحة الأردنية والساحة العربية.. وهو يرأس المكتب الإقليمي لرابطة الأدب الإسلامي العالمية في الأردن منذ عدة سنوات.
حياته ودراسته:
على ربوة من ربا فلسطين، تطل على سهل يانعة خضراء، وفي بلدة ـ تقع بمنتصف المسافة بين مدينتي نابلس وجنين ـ عرفت باسم “صانور” ولد الشاعر “مأمون فريز محمود جرار” عام 1949م.. ونشأ في أسرة محافظة متدينة، عرفت باستقامتها وتمسكها بإسلامها. وبدأ تعليمه الابتدائي في مدرسة صانور، وأتمه وواصل دراسته الإعدادية والثانوية في مدينة جنين، وتخرج فيها عام النكبة الثانية 1967، وكان من المتفوقين في امتحان الشهادة الثانوية.
ولما اغتصب اليهود مدينة جنين وما تبقى من أرض فلسطين، اتجه شاعرنا إلى عمان لمواصلة تعليمه الجامعي، والتحق بكلية الآداب بالجامعة الأردنية في بعثة دراسية من وزارة التربية والتعليم. وفي عام 1971 أتم دراسته الجامعة وحصل على الليسانس في اللغة العربية وآدابها، وكان ترتيبه الأول في دفعته ثم حصل على الدبلوم العالي في التربية عام 1973م. وفي عام 1977، التحق بقسم الدراسات العليا بالجامعة الأردنية، وحصل على ماجستير في اللغة العربية وآدابها عام 1980، وكان موضوع رسالته “أصداء الغزو المغولي في الشعر العربي” من القرن السابع إلى القرن التاسع للهجرة.
وحصل على دكتوراه في منهج الأدب الإسلامي، من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض عام 1987، وكان عنوان رسالة الدكتوراه: خصائص القصة الإسلامية.
حياته العملية:
عمل الدكتور مأمون بعد تخرجه من الجامعة الأردنية مدرساً لمادة اللغة العربية في مدارس وزارة التربية والتعليم بالأردن لتسع سنوات من عام 1971 ـ 1980. ثم عمل مدرساً في مدارس الإمارات العربية المتحدة لمدة سنتين من عام 1980 ـ 1982. ثم توجه إلى الرياض وعمل محاضراً، ثم أستاذاً مساعداً في جامعة الملك سعود بكلية الآداب ـ قسم اللغة العربية ثماني سنوات من عام 1982 ـ 1990م.
وعاد إلى عمان وعمل محاضراً غير متفرغ في كلية تأهيل المعلمين، وكلية الدعوة وأصول الدين، ثم عميداً لكلية الخوارزمي في بداية عام 1991، وأستاذاً مساعداً في جامعة عمان الأهلية. وعمل باحثاً متفرغاً للتأليف في دار البشير لسنة واحدة من عام 1992 ـ 1993م. واستقر به المقام أستاذاً مساعداً في جامعة العلوم التطبيقية ابتداء من عام 1993، وما زال يعمل فيها حتى اليوم..
نشاطه:
كان الدكتور مأمون ـ منذ صغره - من الشباب الذين لهم نشاط في مجالات كثيرة من مجالات العمل الإسلامي، وخاصة المجال الأدبي والمجال التربوي.. فكان في مدينة جنين من أكثر الشباب نشاطاً. ومن الأنشطة التي قام بها، عندما قام الداعية الإسلامي المعروف الدكتور يوسف القرضاوي عام 1996 بزيارة للضفة الغربية، وقام بجولة ألقى فيها محاضرات في جنين ونابلس والقدس والخليل وغيرها، رافقه الدكتور مأمون في تلك الجولة، وألقى قصائد في تلك المحاضرات، وكان وقتها طالباً في المرحلة الثانوية من دراسته. وفي عمان شارك في كثير من مجالات النشاط.. فكان في الجامعة الأردنية من أعضاء اللجنة القائمة على توجيه الشباب ـ في اتحاد الطلاب- توجيهاً إسلامياً وكان يكتب في الصحف منذ عام 1964، وقد نشر العديد من المقالات الإسلامية والأدبية والاجتماعية والتربوية في كثير من الصحف والمجلات الأردنية والعربية والإسلامية وشارك في تقديم عدد من الأحاديث والندوات في الجامعات، وفي الإذاعة الأردنية والقنوات القضائية العربية، وشارك في كثير من المناسبات الإسلامية والوطنية التي أقيمت في الأردن وفي بلدان كثيرة من الوطن العربي والإسلامي.
وللدكتور مأمون ارتباط بعدد من الهيئات والجمعيات: فهو عضو في رابطة الأدب الإسلامي العالمية، ورئيس المكتب الإقليمي لرابطة الأدب الإسلامي العالمية في الأردن منذ عام 1995م، وعضو مجلس أمناء رابطة الأدب الإسلامي العالمية منذ عام 1995، وعضو مجلس إدارة جمعية الدراسات والبحوث الإسلامية في عمان من عام 2004
شعره:
الدكتور مأمون شاعر موهوب. قال الشعر منذ صباه، شعره فيه متعة وفيه جمال، امتاز بالرقة والصفاء، وجاء صادق الإحساس والتصوير، نسج أكثره على منوال النظم العربي الأصيل، ولكنه تأثر بالشعر الحديث ونسج على منواله، ولم يخرج فيه عن الوزن الشعري.
كانت بدايته مع الشعر عام 1961، وكان ينشر إنتاجه في جريدة المنار والشهاب والمجتمع. وصدرت له أول مجموعة شعرية في عام 1969 بعنوان “القدس تصرخ”، وصدرت مجموعة ثانية عام 1981 بعنوان “قصائد للفجر الآتي”، وصدرت مجموعة ثالثة عام 1983 بعنوان “مشاهد من عالم القهر”. ثم اتجه للكتابة النثرية والأدبية، التي تجلت في عدد من الأعمال القصصية، مثل: “صور ومواقف من حياة الصالحين”، و “صور ومواقف من حياة الصالحات”، و “من قصص النبي”، و “شخصيات قرآنية”.
والدكتور مأمون شاعر صادق انبثق شعره من واقع الحياة التي يعيشها، فقد أحس نكبة أمته ودافع عن قضاياها، ساهم بشعره في كثير من المناسبات الإسلامية، وحمل آمال أمته وآلامها وتطلع إلى استئناف حياة إسلامية تكون الطريق لتحرير وطنه المغتصب.. فجاء شعره تعبيراً عن خلجات نفسه وتصويراً لومضات مشاعره، وصار لنا واحداً من الحداة لركب الإيمان السائر على درب الحق.
طرق في شعره معظم أغراض الشعر، ونظمه في مجالات متعددة. نظمه في الدعوة إلى الإسلام، وفي قضيا الأمة العربية والإسلامية، وفي نكبة بيت المقدس وفلسطين، وفي الجهاد والاستشهاد.. وله شعر في الرثاء وذكر الموت، وشعر وطني ووجداني، وشعر في الوصف.. وهو في جميع أشعاره ينبض بروح إسلامية.
نكبة فلسطين في شعره:
كان لفلسطين وطن الشاعر نصيب كبير من شعره، وكان لضياع بيت المقدس، وضياع ما تبقى من فلسطين الكثير الكثير من شعره.. فشاعرنا ولد بعد نكبة 1948 بعام واحد، وأنهى دراسته الثانوية عام النكبة الثانية 1967م.. وواكب أحداث القضية حدثاً حدثاً، وعاش معها بأفكاره وأحاسيسه، وكان لتلك الأحداث والنكبات أثر واضح في حياته الشعرية..
فمن وحي الهزيمة القاسية التي منيت بها الأمة عام 1967، والتي ضاعت فيها البقية الباقية من فلسطين، فكانت لقمة سائغة ليهود، ليحكموا بعدها قبضتهم على فلسطين المسلمة كلها. من وحي هذه الهزيمة المريرة التي فجرت براكين الغضب في النفوس، نجد شاعرنا الدكتور مأمون يستحث شعبنا المكبل ليفك قيوده، ويحرر إرادته من عوامل الخوف والذل والهوان، فيقول في قصيدة بعنوان “أيها الشعب”
أيـها الشعب كيف ترضى بِذُلٍّ *** كيف ترضى بأن تذل وترغم؟
أيها الشعب أين روحك ضلت؟ *** أين تاهت؟ وأين نارك تضرم؟
أيـها الشعب هل مرادك عيش *** فـيـه تـحيا كما البهائم تنعم؟
أين روح الجهاد يا شعب تسري *** فـيـثور الأبطال ثورة ضيغم؟
وهو ينكر على أبناء شعبه الذين نزحوا من غربي النهر بعد هزيمة 1967 فكرروا ما حدث في الهجرة الأولى عام 1948، ويحذرهم من مخاطر ذلك داعياً إياهم للثبات والجهاد، والتأسي بأبطال الفتح الإسلامي كخالد وأبي عبيدة. وحتى يستثير حميتهم ويحفزهم للجهاد، وعدم الركون إلى حياة الدعة والهوان، طلباً لسلامة الأبدان، نراه يضرب لهم أمثلة من بعض الأحياء والجمادات التي أنفت الذل والقعود، وأبت إلا حياة الحركة والحرية، لتحقيق رسالتها ووجودها في الحياة، فيقول:
كـيف تأبى الطيور عيشة ذل *** ثم نرضي ونحن يا شعب أعلم
كـيف تأبى المياه طول سكون *** ثم نرضى ونحن يا شعب أحكم
كـيف تأبى الرياح، إلا هياجاً *** ثم نرضى السكون والليل مظلم
أيـها الشعب قم نجاهد نكافح *** إنـمـا الخلد في الطريق فأقدم