حياته ودراسته:
ولد الشاعر/ مأمون فريز محمود جرار عام 1949م، على ربوة من رُبا فلسطين، فـي بلدة تقـع بمنتصف المسافـة بين نابلس وجنين، عرفت باسم (صانور).
نشأ في أسرة محافظة متدينة، عرفت باستقامتها وتمسكها بإسلامها، وبدأ تعليمه الابتدائي في مدرسة صانور، ومراحل دراسته الإدارية والثانوية في مدينة جنين، وتخرج في عام النكبة 1967م، وكان متفوقًا على مرحلته.
ولما اغتصب اليهود مدينة جنين وما تبقى من أرض فلسطين، اتَّجه شاعرنا إلى عمان لمواصلة تعليمه الجامعي، والتحق بكلية الآداب بالجامعة الأردنية في بعثة دراسية من وزارة التربية والتعليم، وفي عام 1971م، أتم دراسته الجامعية، وحصل على الليسانس في اللغة العربية وآدابها، ثم حصل على الدبلوم العالي في التربية عام 1973م، وفي عام 1977م التحق بقسم الدراسات العليا بالجامعة الأردنية، وحصل على ماجستير في اللغة العربية وآدابها عام1980م، وحصل على الدكتوراه في منهج الأدب الإسلامي من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض عام 1987م، وكان عنوان رسالته: "خصائص القصة الإسلامية".
حياته العملية:
عمل الدكتور مأمون بعد تخرجه في الجامعة الأردنية، مدرسًا لمادة اللغة العربية في مدارس وزارة التربية والتعليم بالأردن، لمدة تسع سنوات، من عام 1971 - 1980م، ثم عمل مدرسًا في مدارس الإمارات العربية المتحدة، لمدة سنتين من 1980 - 1982م، ثم توجه إلى الرياض وعمل محاضرًا، ثم أستاذًا مساعدًا في جامعة الملك سعود بكلية الآداب قسم اللغة العربية، ثماني سنوات من 1982 - 1990م.
وعاد إلى عمان، وعمل محاضرًا غير متفرغ في كلية تأهيل المعلمين، وكلية الدعوة وأصول الدين، ثم عميدًا لكلية الخوارزمي في بداية 1991م، وأستاذًا مساعدًا في جامعة عمان الأهلية، وعمل باحثًا متفرغًا للتأليف في دار البشير لسنة واحدة من عام 1992 - 1993م، واستقر به المقام أستاذًا مساعدًا في جامعة العلوم التطبيقية ابتداءً من عام 1993، وما زال يعمل فيها حتى اليوم.
نشاطه:
كان الدكتور مأمون منذ صغره، من الشباب الذين لهم نشاط في مجالات كثيرة من مجالات العمل الإسلامي، وخاصة المجال الأدبي والمجال التربوي، فكان في مدينة جنين من أكثر الشباب نشاطًا، وفي عمان شارك في كثير من مجالات النشاط، فكان في الجامعة الأردنية من أعضاء اللجنة القائمة على توجيه الشباب في اتحاد الطلاب توجيهًا إسلاميًّا، كان يكتب فـي الصحف منذ عام 1964م، وقد نشر العديد من المقالات الإسلامية والأدبية، والاجتماعية والتربوية، في كثير من الصحف والمجلات الأردنية والعربية والإسلامية، وشارك فـي تقديم عدد من الأحاديث والندوات فـي الجامعات، وفـي الإذاعة الأردنية، والقنوات الفضائية العربية، وشارك في كثير مـن المناسبات الإسلاميـة والوطنية التي أقيمت فـي الأردن، وفـي بلدان كثيرة من الوطن العربـي والإسلامي، كما شارك فـي العديد من الندوات والمؤتمرات الأدبيـة فـي الهنـد، والمملكـة العربيـة السعودية، والجزائر.
وللدكتور مأمون ارتباطٌ بعدد من الهيئات والجمعيات، فهو عضو مجلس إدارة جمعية الدراسات والبحوث الإسلامية في عمان من عام 2004م، وعضو في رابطة الأدب الإسلامي العلمية، وعضو مجلس أمناء رابطة الأدب الإسلامي العالمية منذ عام 1995م، ورئيس المكتب الإقليمي لرابطة الأدب الإسلامي العالمية في الأردن منذ عام 1995م، ولمدة عشر سنوات حتى عام 2005م، وتنحى عن الإدارة رغبةً منه، وقد كتب عبدالله الطنطاوي مقالاً بعنوان "قمر من أقمار"، وفي ذلك إشارة عن تنحِّيه عن الإدارة، حيث يشير إلى تواضع الدكتور مأمون، وعدم تعاليه بلقب، أو شهادة مهما كبرت، ولا بمنصب، ولا بكتب.
وقد شد انتباهي هذا المقال، حتى قمت بالاتصال بالدكتور مأمون مباشرة؛ للاستفسار عن سبب تنحيه من هذا المنصب، وأفادني بقلب مرح، حيث يقول: تركت ذلك لأجل فتح المجال، وترك المشاركة للآخرين، فأنا من الذين يؤمنون بالمؤسسة، لا بالفردية الشخصية، وهذا دليل على تواضع الدكتور/ مأمون.
شعره:
بدأ ينظم الشعر منذ أواسط الستينيات، ونشر شعره في الصحف والمجلات الأردنية، واللبنانية، والقطرية، والسعودية، والإماراتية.
فهو شاعر موهوب، قال الشعر منذ صباه، امتاز في شعره بالرقة والصفاء، وجاء صادق الإحساس والتصوير، نسج أكثره على منوال النظم العربي الأصيل، ولكنـه تأثر بالشعر الحديث، ونسج على منواله، ولم يخرج فيه عن الوزن الشعري.
وقد شدَّ انتباهي سؤال الدكتور مأمون عن الشعر الحر، وهل هو يعبر عن الاتجاه الإسلامي؟ كما ألحظ توقف بعض شعراء هذا الاتجاه عن النظم فيه، وأفادني بأنه لا يتعارض معه؛ بل يخدمه، وإن ما خرج عن الإيقاع والموسيقى يعتبر نثرًا.
وقد صدرت له أول مجموعة شعرية في عام 1969م، بعنوان: "القدس تصرخ"، وصدرت مجموعة ثانية عام 1981م بعنوان: "قصائد للفجر الآتي"، وصدرت مجموعة ثالثة عام 1983م بعنوان: "مشاهد من عالم القهر"، وفي عام 2003م صدر له ديوان: "رسالة إلى الشهداء".
ونلحظ في عشرين عامًا لا يصدر فيها إلا ديونًا، لا يتجاوز (70) صفحة، ونلمس ذلك في مقدمة ديوانه "رسالة إلى الشهداء"، قوله: "وقد توقفت عن الشعر سنوات؛ بل شُغلت عنه، وكان يراودني شعر لا أرتضيه، ويستعصي عليَّ شعرٌ أتطلع إليه، وكنت من حين لآخر ألتقط بعض القصائد، حتى اجتمعت لي هذه المجموعة".
وقد قال في قصيدة بعنوان "شكوى من الشعر":
يَا منْبتَ الشِّعْرِ مَا لِلشِّعْرِ يَجْفُونِي أَسْعَى إِلَيْهِ وَلَكِنْ لاَ يُوَاتِينِي
كَمْ لَيْلَةٍ بِتُّ فِيهَا حَائِرًا قَلِقًا أَسْتَمْطِرُ الشِّعْرَ أَبْيَاتًا فَيَعْصِينِي
عَامَانِ يَا نَجْدُ قَدْ مَرَّا وَقَدْ صَمَتَتْ أَوْتَارُ عُودِيَ عَنْ عَزْفٍ وَتَلْحِينِ
عَجِبْتُ يَا صَاحِ مِنْ شِعْرٍ يُطَاوِعُنِي يَوْمَ الرَّخَاءِ وَحِينَ البَأْسِ يَعْصِينِي
وفي هذه الفترة التي توقف فيها، اتجه للكتابة النثرية والأدبية، التي تجلت في عدد من الأعمال القصصية، بداية من رسالته التي بعنوان "خصائص القصة الإسلامية"، ثم "صور ومواقف من حياة الصالحين"، و"صور ومواقف من حياة الصالحات"، و"من قصص النبي"، و"شخصيات قرآنية".
أما بالنسبة لشعره، فقد انبثق شعره من واقع الحياة التي يعيشها، حيث أحس بنكبة أمته، ودافع عن قضاياها، وحمل آمالها وآلامها.
وقد طرق في شعره معظمَ أغراض الشعر، ونظمه في مجالات متعددة، نظمه في الدعوة إلى الإسلام، وفي قضايا الأمة العربية والإسلامية، وفي نكبة بيت المقدس وفلسطين، وفي الجهاد والاستشهاد، والرثاء والوصف، حيث ينبض بروح إسلامية في جميع أشعاره.